أول خريطة للعالم
(باللغة العربية)
قبل ظهور هذه الخريطة بأكثر من ألف سنة ، قامت محاولة وضع خريطة عالمية باللغة اليونانية للأراضي المعروفة في ذلك الوقت ، و قد رسمها " بطليموس" في مصر ، إلا أن خريطة هذا العالم الكبير لم تكن وافية لأنه ذكر فيها نحو ثمانية ألاف من أسماء الأمكنة و إلى الآن لم يتمكن الخبراء من تحديدها على أرض الواقع ، وربما وجدوا القليل منها أما باقي الأمكنة فقد تعذر وجودها ، أما الخريطة العربية التي نتكلم عنها فأغلب الأسماء و الأماكن التي وردت فيها ترد اليوم في خرائطنا الحديثة ، و هذه الخريطة تعتبر خريطة عالمية بامتياز و بالمعنى الذي نعرفه اليوم.
رسمت هذه الخريطة في مدينة " باليرمو" في جزيرة " صقلية" رسمها ( أبو عبد الله محمد بن عبد الله الإدريسي المحمودي الحسني ، و المعروف بالشريف الإدريسي ) ، و يذكر أنه ولد في مصر سنة 1100 م و توفي سنة 1163م ، و كان يشتغل بالعلوم في " قرطبة" ، و قد زار الكثير من الأقطار المعروفة و صار يجمع المعلومات الجغرافية من أقطار العالم ، ثم رسم خريطته و وضع الأسماء عليها و المعلومات التي حصل عليها من سفراته العديدة ، و من مساعدة الملك " روجرز الثاني " ملك " صقلية و إيطاليا الجنوبية" الذي مده بالكثير من المعلومات و شجعه على القيام بهذا العمل العلمي الكبير ، و بذلك يكون الإدريسي أول من وضع مصوراً عالمياً باللغة العربية ، و قد حفره و نقشه على لوح فضي بطول ثلاثة أمتار و عرض متر و نصف و هو يستند على قوائم ، و دام عمله في هذه الخريطة أكثر من خمسة عشر عاماً ، أسرع في إنهاء هذه الخريطة في السنة الأخيرة كي يستطع تقديمها للملك "روجرز" قبل وفاته ، و فعلاً تمكن من تحقيق عمله هذا قبل موت الملك ، و الإدريسي لم يكن يعرف المناطق الأوروبية الشمالية كاملة ، إلا أنه كان يعرف أوروبا الغربية و أفريقيا معرفة تامة ، و كان يعرف أن نهر النيل ينبع من أواسط أفريقيا ، و كان يعرف أكثر من الغرب ، لأن الغرب لم يكتشف منابع النيل إلا في القرن التاسع عشر ، و يظهر من هذه الخريطة أن الإدريسي كان يعرف الغرب و الشرق معرفة جيدة و لكنه لم يكن يجيد الرسم ، وهو يعتقد أن مركز المعمورة هو الشام بمدنه ( دمشق- حمص – و بيروت ) …
غالب المير غالب